“جزيرة فاضل” قرية يسكنها فلسطينيون حالمون بالجنسية المصرية

خميس, 2014/05/15 - 14:49
الأناضول ـ من إسلام مسعد ـ لم يعد حلمهم العودة إلى بلادهم وإنما الحصول علي جنسية المكان الذي رحلوا إليه وعاشوا به رغم إهمال كبير وفقر مدقع، يحيط بهم.

الأناضول ـ من إسلام مسعد ـ لم يعد حلمهم العودة إلى بلادهم وإنما الحصول علي جنسية المكان الذي رحلوا إليه وعاشوا به رغم إهمال كبير وفقر مدقع، يحيط بهم.

هذا هو حال 3 آلاف من اللاجئين الفلسطينيين الذين يتجمعون في قرية “جزيرة فاضل” بمحافظة الشرقية (دلتا نيل مصر) ، ولا يتمنون من دنياهم إلا الحصول علي الجنسية المصرية، أملا في حياة أفضل، ورغبة في مرافق وخدمات تمكنهم من مواكبة الحياة، وذلك منذ ترحيلهم عن بلادهم عقب “النكبة”.

ويوافق غدا الخميس 15 مايو/ آيار، ذكرى مرور 66 عاما علي “نكبة فلسطين” وهو مصطلح فلسطيني يبحث في المأساة الإنسانية المتعلقة بتشريد عدد كبير من الفلسطينيين خارج ديارهم، بعد هدم أكثر من 500 قرية وتدمير المدن الفلسطينية الرئيسية وتحويلها إلى مدن يهودية بعد الاحتلال الإسرائيلي عام 1948.

المصريون في المدن والقرى القريبة منها يسمونها “قرية جزيرة العرب”، ويقول الكثيرون إنها سميت بهذا الاسم لأنها منطقة تضم فلسطينيين ويحيطها مناطق وقرى ومراكز من المصريين، وسميت بالعرب نسبة إلى أصول الفلسطينيين العربية وغير المصرية.

تقع “جزيرة فاضل” علي الطريق الزراعي بين مركزي بلبيس وأبو كبير بمحافظة الشرقية في دلتا النيل.

أكبر شوارع القرية لا يتعدى عرضه متران، وأغلبها مسدودة، والمنازل فيها مبنية إما بالطين أو الطوب اللبن (طوب يصنع يدويا من الطين)، أو عشش مصنوعة من الخوص أو أوراق النخيل، ومسجد القرية ليس به فرش للأرضية، إلا من بعض الحصير الذي لا يغطيه بالكامل.

الحياة في القرية تشاركية، حتى أصبح السكن في المنزل الواحد يجمع غير الأقارب، فهذه “مريفة سالم” سيدة عجوز تخطت الستين عاما، تستضيف في منزلها “تمام مرازيق” صديقتها التي تهدم بيتها، لتعيشان تحت سقف واحد من الخوص.

الجيلان الأول والثاني من اللاجئين الفلسطينيين حافظوا علي العزلة فلم يتزوجوا إلا من فلسطينيين، إلا أن الجيلين الثالث والرابع خرجا من هذه العزلة واختلطا بالزواج من مصريين ومصريات، رغبة في الحصول علي الجنسية، إلا إن أغلبهم لم يستطيعوا ذلك.

رجل وحيد في القرية يرفع علم فلسطين فوق منزله الذي بناه من الطوب اللبن، وأشخاص معدودون علي أصابع اليدين هم من يتذكرون بلادهم الأصلية، وأغلبهم ممن تخطت أعمارهم الـ70 عاما، وهم من الذين عايشوا نكبة فلسطين، وكانوا وقتها في السادسة أو السابعة من عمرهم.

مريم عبيد، مسنة كبيرة، تخطت الـ70 عاما، قالت لوكالة الأناضول “حلمت طوال عمري أن أحصل على الجنسية المصرية ولكنني لم أستطع″.

وأضافت أنه “رغم أن أولادي تزوجوا من مصريات إلا أن أزمة الحصول علي الجنسية مازالت قائمة”.

وأضافت: “أقول دائما لأحفادي إن فلسطين التي عشت فيها 7 سنوات من عمري، كانت جنة، ولم نشهد فيها ما نعاني منه الآن”.

وتمنت مريم أن تعود لبلادها لتدفن بها، ولكنها عادت وقالت: “معنديش (ليس لدي) أمل بعد العمر ده (هذا) كله”.

أما سالمي سليمان (53 عاما)، الذي تحدث لوكالة الأناضول، وهو يرتدي في أصبعه خاتما يحمل علم مصر، فقال إنه ولد على أرض مصر، وتزوج من مصرية، لكنه لم يستطع الحصول علي الجنسية لخطأ في إثبات قيد والد زوجته، مما حرمه وأولاده من الحصول علي الجنسية المصرية.

وأحمد سيد (18 عاما)، قال لوكالة الأناضول إن كل معرفته بفلسطين أنه يراها في التلفزيون، ويقرأ اسمها على أوراقه الرسمية، وإنه مهما كانت الحياة داخل مصر صعبة “فسيتحملها”.

وأضاف “أريد الحصول علي الجنسية المصرية، لأنضم للجيش وأحارب من أجل هذا الوطن”.

“فاضل” المسماة الجزيرة علي اسمه، كان شخصا ذا منصب وجاه في أربعينيات القرن الماضي، وهو من أعطى للفلسطينيين هذه الأرض ليقيموا عليها، إلا أن هذه القرية تعاني من مشاكل الفقر، فكل من فيها يسكنون منازل الطوب اللبن والخوص، ولا تصلهم مياه صالحة للشرب، مما يدفعهم للخروج لأكثر من 3 كيلومترات لملئ زجاجات المياه.

وتنتشر الأوبئة والأمراض بشكل كبير في القرية ، خاصة أن أغلب سكانها يعملون في جمع القمامة، حتى إن إحدى نساء القرية، خرجت تسأل المارة في الشارع عن دواء لألم في معدتها منذ يومين، لأنها لم تجد مالا تذهب به للطبيب.

الأطفال في القرية حفاة بملابس ممزقة، ويقضون أيامهم في مساعدة البالغين في البحث في القمامة للعثور على ما يمكن إعادة تدويره.

عماد سعيد أب في الأربعينات من عمره لأربعة أولاد، كانت شكواه إنه لا يستطيع إلحاق أبنائه بالتعليم، وقال في حديثه لوكالة الأناضول: “كي أقوم بإلحاق أحد أبنائي للتعليم، يجب علي السفر للقاهرة 4 مرات، ونقل أوراق وتوقيعات تستلزم أكثر من 4-5 شهور، فضلا عن مصروفات تتخطي 1000 جنيه (145 دولار تقريبا)”.

أما سليمان سالمي (17 سنة) وأحد القلائل الذين نجحوا في اتمام دراستهم حتى المرحلة الثانوية، قال في حديث لوكالة الأناضول، إنه لا يعترف بفلسطين كوطن له، ويتعامل مع أقرانه بالمدرسة علي أنه مصري مثلهم.

وأضاف: “أغلب أصدقائي لا يعرفون أنني فلسطيني، واتعامل معهم كأني منهم، ومشكلتي في عدم الحصول علي الجنسية، تعوق إتمام دراستي”.

سالم فؤاد صاحب الـ(50 عاما)، وقف عند مدخل القرية متحدثا لوكالة الأناضول قائلا: “أحوالنا أسوأ من ملايين الفلسطينيين الذين فروا إلى مخيمات اللاجئين في الأردن وسوريا ولبنان، خاصة أن مصر لا تملك مكتبا لوكالة الأمم المتحدة لتشغيل وإغاثة اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”، وفي ظل عدم اهتمام أي سلطة تنفيذية أو تشريعية في مصر بنا”.

وأضاف: “هذه القرية لم يدخلها مرشح انتخابي منذ انشائها، لأنه لن يحصل منها علي أصوات، فلا يهتم بها أحدا”.